قال ابن تيميه رحمه الله " الزهد هو ترك الرغبة فيما لا ينفع في الدنيا في الدار الآخرة , وهو فضول المباح التي لا يستعان بها على طاعة الله عز وجل "
وقيل إن أعلى مراتب القناعة الزهد .
وقال ابن القيّم رحمه الله " لا تتم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا , ولا يستقيم الزهد في الدنيا إلا بعد نظرين صحيحين :
النظر الأول : النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها ونقصها وخستها .
النظر الثاني : النظر في الآخرة وإقبالها وبقاءها ودوامه
وقد أورد الله سبحانه وتعالى الكثير من الآيات في كتابه الحكيم التي تدل على فضل الزهد وقلة الرغبة في ملذات الدنيا وشهواتها قال تعالى { اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيثٍ أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرّاً ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } الحديد (20)
وقال تعالى{ يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنّكم الحياة الدنيا ولا يغرنّكم بالله الغرور } فاطر(5)
وهذا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم وهو القدوة الصالحة لأمته يضرب لنا أروع الأمثلة في الزهد والترفع عن هذه الدنيا الرخيصة , فكانت تمر عليه الأشهر ولم توقد في بيته عليه الصلاة والسلام ناراً , وكان يعيّشه هو وأهله الأسودان التمر والماء , وكان فراشه من أدم , وحشوه من ليف , ونام على الحصير وأثّر ذلك في جنبه.
والزهد لباس الراغب في لقاء الله الطامع في جنته , وظلال المتيقن بدناءة هذه الدنيا وخستها , وعيش المقرّ بفناءها وزوالها .
قال الحسن : لو رأيت الأجل ومروره , لنسيت الأمل وغروره .
وحين تشتد رغبة الإنسان في الدنيا , ويميل إليها ميلاً شديداً , فإنه بذلك أبعد ما يكون عن طاعة الله والتقيد بأوامره , متجاهلاً نهايته الحتميّة , مخدوع بطول الأمل والسوفيّة .
قد شاب رأسي ورأس الدهر لم يشب إن الحريص على الدنيا لفي تعبِ
وقال ابن القيّم رحمه الله إن الزهد أقسام : زهد في الحرام , وزهد في الشبهات , وزهد فيما لايعني من الكلام والنظر والسؤال واللقاء , وزهد في الناس , وزهد في النفس , وزهد جامع لذلك كلّه : وهو الزهد فيما سوى الله وفي كل ما شغلك عنه 0انتهى كلامه رحمه الله0
وقيل لبعض الزهّاد أوصني : دع هم الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها .
وقال أحدهم :
أيا من عاش في الدنيا طويلاً وأفنى العمر في قيلٍ وقالِ
وأتعب نفسه فيما سيفنى وجمّع من حرامٍ أو حلالِ
هب الدنيا تقاد إليك عفواً أليس مصير ذلك للزوالِ
وقال الله تعالى وهو أصدق القائلين : { زُيّن للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن الثواب 0 قل أؤنبكم بخيرٍ من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواجٌ مطهّرة ورضوان من الله والله بصيرٌ بالعباد }آل عمران (15,14)0