محمد عبد الصمد الإدريسي
ضَجَتْ بِنَا الشكوى فَمَا يُجْدي الكلام بلا فِعالْ؟
ما ضَرهُم لو أننا عِشْنا كراما هانئينْ
الصبح يأتي بالنسيم وبالأريج ويَاسَمِينْ
والليل تَهبط رُسْلُه سَكَنا فَنُمْسي آمِنِينْ
ما ضَرهُم لَوْ زال عَنا هَمُنَا وخَبَا الأنينْ
لو أَن قلباً منهمُ فاضَتْ شَواطئُه حنينْ
لو أننا بِتْنَا جميعا تحت سقف حالِمِينْ
°°°°°°°°°°°°°°°
الأرضُ أُفْق حولنا يمتد مداً بالعيونْ
والبحر ساج كامنٌ في جَوفه الدُر المَصُونْ
والنفط ذُخر نَبْعُه في أرضنا يجري عيونْ
فلم التعاسة يا ترى؟ أم ما لها جاعت بطونْ؟
يا أمتي واهاً لنا.. غَمَرتْ سفينتَنا دُيونْ
حَارَ الحَليمُ بِأَرْضنا ظَلتْ تُصَارعه الظنونْ
°°°°°°°°°°°°°°°°°°
مَا حَقُنا مِنْ أرضنا.. من زرعنا.. ومن الغِلالْ؟
أَمْ أن قِسْمَتَنا: نُشَيعُ حُلْوها فَوْقَ السِلالْ
ما حَظُنا مِنْ بَحْرنا، مِنْ ماء جَدْولنا الزلالْ
أتُراهُ موقوفٌ عَوائِدهُ لأصْحَاب المَعَالْ
ما سِرُ هذا القيد يَعْصِرُنَا وهاتيك النِبَالْ
ضَجَتْ بِنَا الشكوى فَمَا يُجْدي الكلام بلا فِعالْ؟
°°°°°°°°°°°°°°°°
قد أُبْدِلَتْ أحلامنا شَفقا تَلَبدَ بالغيومْ
وتتابعتْ أنفاسُنا آها.. و.. آها.. مِنْ كُلُومْ
فالصُبْح مثلُ الليل يأتي بالسكون وبالوُجُومْ
والبُلبُل الغِرِيدُ يُسمَعُ شَدْوُهُ كنَعيقِ بومْ
مَا انْفَضَ سُوقٌ كَاسِدٌ إلا بِسَاحَتِنَا يَقومْ
صِرْنَا مَطارِحَ للمَهَانَة فالهَوَانُ بِنَا يَحُومْ
°°°°°°°°°°°°°
كَمْ غَابتِ الآمالُ عَنَا خَلْفَ سُورٍ مِنْ سَرابْ
كم شَردَتْ فينا الهزائم دون جَيْشٍ أو حِرَابْ
كَمْ رَكْبُنا ضَلَ الخُطَى والدربُ تَحْرُسُه الذئابْ
كَمْ قد غَدتْ أمْجَادُنا طَلَلاٌ تَدَثرَ بالضَبَابْ
كم صُودرتْ أرضٌ لنا مِنْ حَولنا وعَلا الخَرابْ
كم دَونَ التاريخ سِفْراٌ.. ليس فيه لَنَا كِتابْ
°°°°°°°°°°°°°°
والحَقُ يبدو مِن بعيدٍ ..من بعيدٍ.. من بعيدْ
مِثْلَ النبي تَفرقتْ أتْباعُهُ خَوْفَ الوعيدْ
مَذْعُورُ يَرتادُ الفيافي والصحاري كالشريدْ
فِي خَلْفِه تَعْدُو فيالق من مَوَالي.. من عبيدْ
ويَمُدهُمْ أسْيَادُهُم مدّا.. حجارةً أو الحديدْ
مَنْ يُرْجِعُ الحقَ المُضَيعَ؟ أو يُناصرُ ذا الطريدْ؟
°°°°°°°°°°°°°°
هَا إن أصحابَ الجَلالةِ في ظِلالٍ يَتكُونْ
مِثلَ الرعاةِ لَهُم شِيَاهٌ في الفَلاةِ يُسَرحُونْ
يتراقصون على الجراح.. وقد صَفَتْ لَهُمُ السِنُونْ
لا هَمَ عندهُمُ سوى ملْءِ الخزائنِ والبطونْ
من قوتنا.. من دمعنا.. حتى الأماني يقطفون
وشِعَارُهُم: "في ذاك فليتنافسِ المتنافسونْ"
°°°°°°°°°°°°°
يا قومنا إنا مللنا من حياة كالقطيع
لا طعم فيها.. أو تلون.. أو طلاوة.. أو بديع
إنا أفقنا للحياة.. فصحونا الهول المريع
ضقنا بحال ثابت، في حلبة العدو السريع
ها قد نفضنا ذلنا.. لنعانق الحلم الوديع
فاحت أزاهير الربى.. فليبتدأ عصر "الربيع"