يبدو أن تصعيد معركة الأمعاء الخاوية عبر إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام في
سجون إسرائيل يخيف الحكومة الإسرائيلية التي ذهبت إلى حد المضي في سن تشريع
يتيح إطعام هؤلاء الأسرى المضربين بالقوة.
تهدد الحكومة الإسرائيلية بكسر إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام بواسطة سن
قانون يتيح إطعامهم عنوة لأن استمرار هذا الإضراب يحرجها في العالم وينذر بردود
فعل فلسطينية عنيفة.
ويأتي ذلك وسط تحذيرات منظمات حقوقية من أن محاولة إطعام الأسرى عنوة أمرٌ مخالف للأخلاقيات الطبية ونوع من التعذيب.
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني فإن هناك اليوم نحو 190 أسيرا إداريا في السجون
الإسرائيلية، يضرب 120 منهم عن الطعام منذ 42 يوما، وقد نقل حتى اليوم 50 منهم
إلى المستشفيات الخارجية نتيجة تدهور حالاتام الصحية.
من بين هؤلاء تسعة نواب في المجلس التشريعي من حركة المقاومة الإسلامية
(حماس)، كما انضم للإضراب عن الطعام تباعا أكثر من 200 أسير غير إداري.
اعتقالات بالآلاف
ومنذ العام 2003 ازداد عدد المعتقلين الإداريين الذين يبقون رهن السجن شهورا
وسنوات دون محاكمة استنادا لقوانين الطوارئ، ومنذ 2012 صدر 19647 أمر
اعتقال إداري من جانب السلطات الإسرائيلية.
وكان البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قد صادق الشهر المنصرم بالقراءة الأولى على
مشروع قانون قدمه الائتلاف الحكومي يطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي باستعجال
استكمال هذا التشريع بغية *****ه لمواجهة إضراب الأسرى الذي بات يحرج إسرائيل
في العالم.
وفي اجتماع الحكومة المصغرة أمس قال نتنياهو إنه يبحث عن أطباء يوافقون على
القيام بالمهمة وفقا للقانون المذكور.
تشبّه بغوانتانامو
ومن أجل التجييش لموقفه، لفت نتنياهو إلى أن السجانين في سجن غوانتانامو الأميركي
يطعمون الأسرى المضربين عن الطعام بالقوة، علما بأن منظمة "أطباء من أجل حقوق
الإنسان" -التي تعارض هذا الأمر- دعت في بيانها اليوم الحكومة الإسرائيلية إلى
إطلاق سراح جميع المعتقلين الإداريين، وحثّت الأوساط الطبية الإسرائيلية على
مناهضة مشروع قانون التغذية القسرية.
وحتى المجلس القومي للأخلاقيات الطبية الذي أقامته الحكومة الإسرائيلية قبل عامين
يعارض توجّه الحكومة لكسر إضراب الأسرى، وتقول رئيسته البروفيسورة إفرات ليفي
إن القانون المذكور دوافعه سياسية لأنه يسن خصيصا للأسرى الفلسطينيين، وتؤكد
على الحاجة للموازنة بين قيمة قدسية الحياة وحق الأسير المضرب عن الطعام في
جسده.
وتوضح ليفي للجزيرة نت أنها توجهت باسم المجلس إلى وزارتي الصحة والقضاء،
ونوهت لتجاهل الحكومة لموقف المجلس، محذرة من الإقدام على إطعام الأسرى
المضربين بشكل قسري.
وتابعت "من المعيب أصلا أن تبلغ إسرائيل لدرجة أن يضطر فيها الأسرى إلى أن يأكلوا
عضلات أنفسهم والتضحية بأرواحهم لإلغاء هذا الاعتقال الإداري المتقادم والظالم والذي
يسيء لإسرائيل وسمعتها بين دول العالم".
معركة شرسة
من جهته قال الأسير المحرر سامر العيساوي -صاحب أطول إضراب عن الطعام-
للجزيرة نت إن الأسرى الإداريين اليوم يخوضون معركة شرسة جدا نيابة عن كل
الشعب الفلسطيني.
ودعا العيساوي لتصعيد الإسناد الجماهيري والسياسي للأسرى، وطالب السلطة
الفلسطينية بزيادة نشاطها في المحافل الدولية من أجلهم لأنها حتى الآن تبدي
"مواقف ضعيفة وخجولة" على حد قوله.
من جهة أخرى، وفي مهرجان خطابي توّج مسيرة مشاعل في النقب، استذكر رئيس
الحركة الإسلامية رائد صلاح تضحيات الفلسطينيين منذ فرض الاستعمار البريطاني
على فلسطين عام 1918، داعيا إلى تصعيد التكافل مع الأسرى باعتبارهم "أمانة".
وشدد على أن الاحتلال الصليبي والتتري والبريطاني قد زالوا بحمد الله عن فلسطين
ونحن على يقين بأن الاحتلال الإسرائيلي إلى زوال.
"مي وملح"
وتخطط فعاليات سياسية وأهلية في أراضي 48 لسلسلة فعاليات احتجاجية تحت عنوان
"مي وملح= كرامة" نهاية الأسبوع الجاري تضامنا مع الأسرى المشاركين في معركة
الأمعاء الخاوية.
ويؤكد رئيس الحركة الوطنية الأسيرة (الرابطة) منير منصور للجزيرة نت أن السلطات
الإسرائيلية نقلت اليوم الأسيرين عباس السيد وحسن سلمة المحكومين بالمؤبد
والمضربين عن الطعام للعزل الانفرادي في سجن الجلمة لاعتبارهما قائدي الإضراب
عن الطعام.
ويعتقد منصور كالعيساوي أن إسرائيل تخشى استمرار الإضراب الحالي، وهو أول
إضراب جماعي عن الطعام يخوضه المعتقلون الإداريون من أجل حريتهم لا لتحسين
شروط اعتقالهم.
ويؤكد منصور والعيساوي أن الإضراب يفضح إسرائيل لاعتمادها على قوانين طوارئ
استعمارية متقادمة ويحرجها في العالم مثلما تخشى أن يؤدي ذلك لموجة عنف جديدة
ضدها في الشارع الفلسطيني.
المصدر : الجزيرة