يعد حمام الأسعدية واحد من أكبر حمامات الشام، التي بنيت في العهد الإسلامي، بناه والي حماة أسعد باشا العظم، ولا يزال هذا الحمام معلمًا من معالم مدينة حماة ومقصدًا للناس يؤمّن الراحة واجتماع الأصحاب في الأفراح والمناسبات.
موقع حمام الأسعدية:
يقع حمام الأسعدية في وسط سوق المنصورية (سوق الطويل) في حماة، وهو سوق عظيم بناه الملك المنصور محمد بن الملك المظفر تقي الدين عمر. ويضم العديد من الحمامات والخانات والجوامع فضلًا عن عدد كبير من الحوانيت المقسمة وفق الوظيفة، ويجاور حمام الأسعدية خان الجمرك وجامع الأشقر وجامع الأحدب. ويمتد بناء حمام الأسعدية بشكل طولاني ( شرق غرب)، متعامدًا مع محور السوق، حيث يتم الدخول للحمام عبر باب يفضي إلى ممر ضيق يتخلله درج.
إلى من ينسب حمام الأسعدية؟
يعود بناء الحمام إلى الفترة العثمانية؛ إذ بني عام 1144هـ/1731م على يد أسعد باشا العظم والي حماة آنذاك، في العهد العثماني إبان عهد الخليفة محمود الأول (1143 – 1168هـ/ 1730 – 1754م).
وصف حمام الأسعدية:
يتألف الحمام من أربعة أقسام هي البراني والوسطاني والجواني وأخيرًا القميم.
القسم البراني:
يتم الدخول إلى حمام الأسعدية من جهة الشرق إلى القسم البراني الذي تتوسطه بركة ماء مثمنة مرتفعة، وتحيط بها مصاطب للجلوس، وتعلو هذا القسم قبة من الآجر ترتفع نحو 10م. كما يتميز القسم البراني من الحمام بوجود لوحات لرسوم جدارية منفذة بطريقة الفريسك، أهمها اللوحة التي كانت تقع على الجدار الجنوبي وتمثل منظرًا رائع الجمال لمدينة إسطنبول التركية بقصورها وبساتينها. أما اللوحات المتبقية فهي لوحات رسمت حديثًا.
وفي البراني هناك باب منخفض على الجدار الجنوبي ينفتح على درج حجري يُصعَد عبره إلى سطح الحمام.
القسم الوسطاني:
ويتم العبور إلى القسم الوسطاني عبر باب يقود إلى دهليز صغير يتم الولوج منه إلى الوسطاني الأول، وهو ساحة مبلطة بالبلاط الحجري المزين بالرخام الملون، وتتوسطها أيضًا بحرة صغيرة مثمنة الشكل، وعلى الجوانب تتوضع المصاطب المرتفعة قليلًا عن الأرضية وهذا القسم كان يستخدم في حال ازدحام البراني بوصفه قسمًا ملحقًا بالبراني لتخفيف ضغط الزبائن. وعبر باب في الجدار الغربي يتم الولوج إلى الوسطاني الثاني حيث توجد ست مقاصير تنفتح على قاعة صغيرة مقببة ومرصوفة بالبلاط الحجري.
القسم الجواني:
أما الجواني (وهو القسم الحار) فيتم الدخول إليه من الجهة الشرقية، ويقع على تماس مع بيت النار أو القميم من الجهة الغربية، حيث يستفاد من حرارة النار لرفع درجة الحرارة تحت البلاط الحجري في المساحة المقببة التي تتوسط هذا القسم. وتنفتح عليها ثماني مقاصير للاستحمام تحتوي كل منها على أجران المياه الحجرية المخصصة للمياه الباردة والساخنة التي تصلها من أنابيب فخارية متوضعة في الجدران.
تضم القباب في قسمي الوسطاني وقسم الجواني القُمريات، وهي فتحات صغيرة تتوضع على قبوات الغمس وتتوزع بأشكال هندسية جميلة مزودة بزجاج ملون، ومهمتها توفير الإضاءة والنور للمكان الأمر الذي يترك انطباعًا جميلًا في النفس.
قسم القميم:
وقد استعيض عن قسم القميم بتجهيزات التسخين الحديثة، وهو مهجور حاليًا، ولكن يمكن أن تُشاهد غرفة تسخين المياه (الخزانة) وفيها القدور التي كانت تستخدم في عملية التسخين، وهذه الغرفة متصلة مع قسم الجواني بوساطة نافذة صغيرة. كما تُشاهَد ساحة القميم التي تنفتح بباب على الزقاق الخلفي الذي كان يتم من خلاله تزويد الحمام بالمواد اللازمة لعملية تسخين المياه. ويلحظ أيضًا بقايا خزان المياه الحجري الذي كانت تصب فيه المياه القادمة من ناعورة المأمورية التي كانت تمد المياه لأربعة حمامات هي الأسعدية والحلق والدرويشية والقاضي، بحسب ما ورد في سجلات المحكمة الشرعية لعام 1196هـ / 1781م.
ترميم حمام الأسعدية:
تم ترميم حمام الأسعدية خلال المراحل الزمنية المتلاحقة، ولكن أهم الترميمات قامت بها شركة الإنشاءات العسكرية بحماة عام 1983م، إضافة إلى ترميمات قام بها مستثمروا الحمام خلال العقد الحالي وتركزت على تجديد طبقة الكلسة التقليدية التي تكسو الجدران من الداخل، وترميم قبوات السطح وقمرياته، إضافة إلى بلاط الأرضيات في بعض الأماكن.
ويوجد في حمام الأسعدية مناشف قديمة تقليدية من صناعة الأنوال اليدوية التي تشتهر بها حماة منها القطنية أو الحريرية، والأخرى منسوجة بشكل مزخرف ومطعمة بخيوط الحرير والذهب والفضة.
ولابد أن نشير أن حمام الأسعدية كان يعمل على مدار الساعة ولا يغلق بابه إلا في أيام العيد، وكانت فترة النساء من بعد صلاة الظهر وحتى السادسة مساء، ولكن في الوقت الحالي اقتصر عمله على الرجال فقط.
منقول