كيف يمكن للإنسان التميّز بما ميّزه الله تعالى به عن بقيّة الكائنات الحيّة لولا انقشاع ظلمة الجهل عنه؟ بل حتّى كيف يمكن للعقل أن يعمل ويؤدّي دوره ليكون أساسًا لنهضة الحضارات إلا بما تقدّمه له شتّى العلوم والمعارف؟! إنّ العلم هو منارةٌ تهدي الأمم إلى جادّة الصواب، فبه يرتفع شأنها وتصبح قادرةً على مواكبة التطور وكلّ ما يتقدّم به العلم ويكشفه من حقائق وأسرار، فهو كالبحر في اتّساعه وغموضه، كلّما غُصنا فيه شهدنا أعجوبةً جديدةً!.
موضوع اخر:
اسماء اولى العزم من الرسل
صدق الذي قال: "العلمُ نورٌ، والجهلُ ظلام" فهذا النور الذي يشعّ به العلم على من ملك شيئًا منه هو الذي يحميه من شتّى الأفكار المظلمة، والسلوكيّات المنحرفة، فكم نلاحظ انتشار الآفات وأمراض القلوب وارتكاب الجرائم والسرقات في المجتمعات التي لا تهتم بالعلم، وينتشر الجهل بين أبنائها؟! إنّ العلم يرقى بفكر الإنسان، ويفتح له نوافذ وأبواب تأخذ بيده إلى ما يهذّبُ نفسه ويقوّمها، فنجد المتعلّمين والمثقفين يتحلّون بأخلاق كريمة، ويكوّنون اهتمامات ومشاريع تفيدهم وتفيد من حولهم، وتنمّي مواهبهم وتوسّع مداركهم، وذلك ينعكس على المجتمع بأكمله، ليصبح مجتمعًا مُشرقًا ومثالًا يُقتدى به.
إنّ العلم أمر عظيم، لا يمكن تحصيله دفعةً واحدة بل بالجدّ والمثابرة والتدرُّج؛ لذا على الآباء أن يزرعوا في أبنائهم ثمرة حُبّ المعرفة والحكمة منذ الصغر، وتربيتهم على أخلاق العلماء العقلاء، وإشعارهم بأهميّته وعظمة منزلة العالم بالنسبة للجاهل، قال الله تعالى في قرآنه الكريم: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (القصص: 14)، فالعلم جزاءٌ وثوابٌ من عند الله تعالى لا يُعطى إلا لمن عمل واجتهد وأحسن، دلالةً على أهميّة منزلته وأثره العميق في ذات الإنسان ومن حوله، وكما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ) (حديث صحيح).